عناصر الوحدة الاسلامية والعوائق التي تقف بوجهها (1-2) | قاعدة البیانات الاستبصار

آخر الأخبار

خانه » المعارف الإسلامیة » العقائد » عناصر الوحدة الاسلامية والعوائق التي تقف بوجهها (1-2)

عناصر الوحدة الاسلامية والعوائق التي تقف بوجهها (1-2)

الإستبصار (موقع يهتم بشؤون المستبصرين)،

لابد للامة الواحدة أن تكون لها أصول اعتقادية واحدة، وهذه الاصول لدى الامة الاسلامية – باجماع كل علماء المذاهب – التوحيد والنبوة والمعاد. إنكار واحد من هذه الاصول أو عدم الايمان به يخرج الفرد من دائرة الاسلام باجماع العلماء وبنص القرآن والسنة. وإذا كانت ثمة أصول أخرى فهي أصول المذهب، لا أصول الدين، كالامامة لدى الشيعة والعدل لدى الشيعة والمعتزلة. الاعتقاد بهذه الاصول الثلاثة إذن كاف لايجاد وحدة عقائدية بين أبناء الامة الاسلامية.

وحدة المسلمين كلمة تهفو اليها كل قلوب المؤمنين المخلصين لدينهم وربهم، وهدف سعى الى تحقيقه جميع الدعاة والمصلحين على مرّ التاريخ. ولا يشك أحد في عظمة هذا الهدف وأهميته العقلية والتشريعية، فكل ما دعا اليه الاسلام من عزّة ورفعة ومنعة وشوكة للمسلمين يتحقق في ظل الوحدة. ولا يشك أحد أيضا أن المسلمين يعيشون منذ قرون حالة تجزئة وتمزّق وتشتت أذهبت ريحهم وسلطت عليهم أعداءهم، حتى أضحت مسألة العودة الى المجتمع الاسلامي الموحّد هدفا بعيدَ المنال في أنظار بعض ومستحيلا في أنظار آخرين.

واليوم وقد توفرت في الساحة الاسلامية ظروف جديدة هي مزيجة من الوعي والتحدّي والتجارب، تبشّر بغد اسلامي مشرق، فلابدّ أن نفتح باب الحوار الجادّ الهادف لدراسة مفهوم الوحدة، وسبل تحققها، والعوائق التي تقف بوجهها، وفي هذا الحديث نتناول عناصر الوحدة، كي ننأى بهذا الهدف الكبير عن الجموح في عالم الخيال، ونقرّبه من واقعه العقلي والتشريعي والاجتماعي والعملي.

ماهي الوحدة؟

ما المقصود بالوحدة الاسلامية. قد يتصور أحد أنها اتفاق المسلمين في كل شؤونهم العقائدية والعبادية وفي كل العادات والتقاليد… أي أن ينضوي المسلمون في مشارق الارض ومغاربها تحت لواء حكومة واحدة، وقانون واحد، وسياسة واحدة، ونظام سياسي واقتصادي واحد. أو انصهار القوميات والعناصر والشعوب في مجموعة بشرية واحدة خالية من كل هذه الاختلافات. مثل هذه التصورات الخيالية تجعل مفهوم الوحدة مستحيلا لانه يتعارض مع سنن اللّه والفطرة والطبيعة البشرية.

لنعد الى الاسلام وننظر الى تحديده لمفهوم الوحدة ومراده منها، ولاستكشاف الامر يمكن تحرّيه في ثلاثة مجالات.

الاول – الاسم الذي أطلقه الاسلام على المجموعة الاسلامية الموحّدة.

الثاني – ما ذكره الاسلام من صفات وواجبات لهذه المجموعة.

الثالث – أهداف هذه المجموعة ومقاصدها.

وتتضح هذه الامور الثلاثة فيما يلي.

يطلق القرآن الكريم على هذه المجموعةِ البشريةِ المقصودةِ اسمَ المؤمنين أو المسلمين لما يتحلى به أفراد هذه المجموعة من إيمان وإسلام. وهذه التسمية تقابل المجموعات البشرية الاخرى من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين أو المشركين.

وثَـمَّ لفظ آخر يطلقه القرآن هو «الامة»، ويظهر أنه أكثر تبيينا لمفهوم الوحدة بين الجماعة الاسلامية:

(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربّكم فاعبدون) الانبياء.

(ولكل أمة رسول) يونس.

وهذه الآيات الكريمات وأمثالها تطلق على أتباع كل دين الهي اسم «الامة»، فما الذي تنطوي عليه هذه الكلمة من معان؟

الامة من «أمم» وتتضمن معاني الاقتداء والاتباع، والقصد والهدف، والقيادة والزعامة، وفي القرآن بمعنى المجموعة البشرية المنضوية تحت لواء دين واحد، وعلى هذا المعنى فُسّرت الآية الكريمة: (إن هذه أمتكم أمة واحدة)، كما وردت بمعنى المقتدى والمحتذى وعليه فسرت الآية: (إن إبراهيم كان أمة قانتا للّه حنيفا).

انطلاقا من المعاني اللغوية لكلمة «أمة» واستعمالها في القرآن الكريم نفهم أن «الامة» جماعة بشرية ذات مسلك واحد وطريقة واحدة وهدف واحد وقيادة واحدة. إنها تتضمن مفهوم الحركة تجاه قبلة واحدة وجهة واحدة.

مثل هذه المجموعة، بهذه الخصائص، لابد أن تتوفر فيها مشتركات أخلاقية وروحية وثقافية. وهنا نقف عند العناصر التي تشكل أساس وحدة الامة… العناصر التي توحّد دون أن تتعارض مع الاصول الطبيعية والاجتماعية ومع السنن الالهية الحاكمة في المجتمعات البشرية.

عناصر الوحدة

الاول – وحدة العقيدة

لابد للامة الواحدة أن تكون لها أصول اعتقادية واحدة، وهذه الاصول لدى الامة الاسلامية – باجماع كل علماء المذاهب – التوحيد والنبوة والمعاد. إنكار واحد من هذه الاصول أو عدم الايمان به يخرج الفرد من دائرة الاسلام باجماع العلماء وبنص القرآن والسنة. وإذا كانت ثمة أصول أخرى فهي أصول المذهب، لا أصول الدين، كالامامة لدى الشيعة والعدل لدى الشيعة والمعتزلة. الاعتقاد بهذه الاصول الثلاثة إذن كاف لايجاد وحدة عقائدية بين أبناء الامة الاسلامية. وهنا نشير الى ثلاث ملاحظات.

الملاحظة الاولى:

من المؤكد أن المعرفة الاجمالية بأصول الدين هذه والايمان بها على حدّ المفهوم المشترك العام هو المقدار المطلوب، وليست المفاهيم التفصيلية لهذه الاصول. العلماء تعمّقوا فيها وفرّعوها وأدخلوها في دراسات كلامية وفلسفية، ولذلك حدثت مذاهب في الاصول. لكن هذه التفاصيل المذهبية لا ارتباط لها في إيمان المسلم بأصول دينه. هذه التفاصيل لا تتجاوز عادة جدران قاعات الدرس وبطون الكتب، ولا تخرج الى عامة الامة المسلمة التي تنتمي اسميا الى هذه المذاهب أو ذاك.

وهل إن الدخول في هذه البحوث أمر لازم، أو جائز؟ هل هذه الدراسات تستطيع أن تصل الى نتائج قطعية؟ هل معرفة هذه التفاصيل له دخل في الفوز الاخروي؟ لا نريد هنا أن نجيب على هذه الاسئلة. بل الذي نريد أن نقرره هنا هو أن الملاكَ في دخول الفرد دائرة الاسلام وشرط تحقق الوحدة الاسلامية الايمانُ بهذه الاصول على المستوى البسيط المفهوم لدى عامة الناس، لا بالفروع المعقدة الكلامية والفلسفية التي نشأت في قرون متأخرة بين الفلاسفة وعلماء الكلام. وبدون ذلك لا تتحقق وحدة العقيدة، لأن الجدل الكلامي خلال القرون المتوالية أدى الى مزيد من الاختلاف العلمي ولم يحقق أي اتفاق. التفاصيل الكلامية ليست إذن ملاك اتفاق المسلمين، والاختلاف فيها لا يُضرّ بوحدة العقيدة بين المسلمين.

الملاحظة الثانية:

لا شك أن أي مذهب اسلامي ملتزم بالايمان بهذه الاصول، وإنكار أي واحد منها يخرج المذهب من دائرة الاسلام، ولا نعتقد أن بين المذاهب الاسلامية اليوم مذهبا ينكر صراحة أحد هذه الاصول. نعم، في بعض المذاهب النادرة غير المعروفة عقائد يلزمها إنكار واحد من هذه الاصول. لكن أتباع هذه المذاهب غير ملتزمين بهذه الملازمة. ولا يعتقدون أن عقائد مذهبهم الخاصة تستلزم إنكار أحد هذه الاصول.

ملاك الكفر والخروج من الاسلام هو الانكار الصريح، لا الانكار بالملازمة. والخلط بين العقيدة الصريحة والعقيدة الملازمة للعقيدة الصريحة من آفات المذاهب ومن عوامل تراشق التهم بينها.

الملاحظة الثالثة:

المذاهب المستحدثة التي تنكر خاتمية محمد(ص)، وتدعي وحيا جديدا وكتابا جديدا، وإن ادعت الايمان بالاسلام وبأنها من الفرق الاسلامية، هي خارجة عن الاسلام قطعا، لأنها لا تلتزم بنهج الاسلام، بل لها نهج آخر ونبي آخر وكتاب آخر، وكل ذلك يجعلها في جهة متعارضة مع الاصول الاسلامية.

المصدر : الوفاق

الإستبصار (http://estebsar.ir)



تعليقات المستخدم

عدد التعليقات 0

ارسال تعليق



محتويات المادة المذكورة أعلاه