التقية في الكتاب والسنة | قاعدة البیانات الاستبصار

آخر الأخبار

خانه » المعارف الإسلامیة » العقائد » التقية في الكتاب والسنة

التقية في الكتاب والسنة

الإستبصار (موقع يهتم بشؤون المستبصرين ) ، تعريف التقية التقية في اللغة : التقية من الأسماء المتفرعة من الوقاية، بمعنى الحفظ بالتجنب عن الضرر ونحوه، والتقية والتقاة بمعنى واحد كما صرح الفيومي في المصباح المنير1 وغيره، وهي بإصطلاح الفقهاء تستخدم بنفس المعنى اللغوي.
تعريف إبن حجر العسقلاني للتقية :
يقول الـحافـظ ابن حجر في فتح الباري : ومعنى التقية2 : الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير.3
تعريف إبن الأثير :
وقال ابن الأثير في توضيح الحديث المروي (( قلت: وهل للسيف من تقية؟ قال: نعم. تقية على أقذاء، وهدنة على دخن )) التقية والتقاة بمعنى يريد أنهم يتقون بعضهم بعضا ويظهرون الصلح والإتفاق وباطنهم بخلاف ذلك.4
تعريف الشيخ المفيد :
وقال الشيخ المفيد : (( التقية كتمان الحق وستر الإعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين أو الدنيا، وفرض ذلك إذا علم بالضرورة او قوي الظن، فمتى لم يعلم ضررا بإظهار الحق ولاقوي في الظن لم يجب فرض التقية. ))5
النتيجة :
وعلى هذا يمكن أن نعرف التقية بأنها : عدم إظهار ما يعتقده الإنسان ويؤمن به بالقول أو الفعل مع إظهار ما ينافيه أو بدونه لغرض التجنب عن الضرر الذي يتحقق بالإظهار.
التقية في القرآن الكريم
قال تعالى في كتابه الكريم : ) لاَ يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (6
دلالة الآية الكريمة :
الآية الكريمة صريحة في حرمة إتخاذ الكفار أولياء، وأن الذي يفعل ذلك فليس من الله عزوجل في شيء، ولكن الآية الكريمة وبالدلالة الصريحة التي لاتقبل التأويل تستثني حالة واحدة وهي حالة التقية حيث يقول تبارك وتعالى: ) إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ( والمقصود من قوله عزوجل ) تُقَاةً ( التقية.
كلام البخاري في صحيحه :
ولذا قال البخاري في صحيحه : (( تقاة، وتقية واحد )) وقال في شرح كلمة ((تقاة)) في الآية الكريمة: وهي تقية. 7
والمقصود بذلك أن الذي يخشى منهم في ظرف غلبتهم وقهرهم يجوز له أن يظهر لهم الولاية والإتباع بنحو إتقائهم وتجنب أضرارهم بحيث يبطن في قرارة نفسه الإيمان واتباع الحق دون اتباعهم.8
كلام الطبري في تفسيره :
قال الطبري في تفسيره : (( وهذا نهي من الله عزوجل المؤمنين أن يتخذوا الكفار أعوانا وأنصارا وظهورا ))
إلى أن قال: (( إلا أن تتقوا منهم تقاة، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على انفسكم فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم وتضمروا لهم العداوة، ولاتشايعوهم على ماهم عليه من الكفر، ولاتعينوهم على مسلم بفعل. ))9
كلام إبن حجر في فتح الباري :
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : ومعنى الآية: لايتخذ المؤمن الكافر وليا في الباطن ولا في في الظاهر إلا للتقية في الظاهر، فيجوز أن يواليه إذا خافه ويعاديه باطنا.1
وقال الطبري : حدثنا موسى، قال حدثنا عمرو، قال حدثنا أسباط، عن السدي ) لايتخذ المؤمنون الكافرين ( إلى ) إلا أن تتقوا منهم تقاة ( أما أولياء، فيواليهم في دينهم، ويظهرهم على عورة المؤمنين، فمن فعل هذا فهو مشرك، فقد بريء الله منه، إلا أن يتقي منهم تقاة، فهو يظهر الولاية لهم في دينهم والبراءة من المؤمنين. 11
وعلى هذا دلت عدة من الروايات الصحيحة المعتبرة عند السنة، وسيأتي التعرض لها إنشاء الله تعالى.
وقال تعالى : ) مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (12
دلالة الآية الكريمة :
وهذه الآية الكريمة أيضا على أنّ من يكفر بلا مقتض ظاهرا أو باطنا فعليه غضب الله عزوجل وله عذاب عظيم، بإستثناء حالة واحدة وهو أن يكره على الكفر فيجوز له أن يظهر الكفر مع استقرار الإيمان في قلبه.
الروايات الواردة في تفسير الآية الكريمة :
وقد ورد بشأن ذلك عدة من الروايات الصحيحة المعتبرة عند السنة منها :
قصة عمار بن ياسر (رض) بشأن التقية :
1- ما أخرجه جماعة من الحفّاظ منهم عبد الرزاق الصنعاني وابن سعد والطبري وابن مردويه والحاكم والبيهقي بالإسناد عن أبي عبيدة محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، قال: أخذ المشركون عمّار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي(ص) وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه، فلما أتى رسول الله (ص) قال: ما وراءك؟ قال: شر يارسول الله (ص)، ماتُركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير. قال (ص): كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان، قال(ص): إن عادوا فعد.
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص فقال: على شرط البخاري ومسلم. 13
كلام أمير المؤمنين d في التقية :
وأخرج الحاكم أيضا بالإسناد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه قال: إنكم ستعرضون على سبي فسبوني، فإن عرضت عليكم البراءة مني فلا تبرأوا مني، فإني على الإسلام، فليمدد أحدكم عنقه، ثكلته أمه فإنه لادنيا له ولا آخرة بعد الإسلام، ثم تلا )إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان (
قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح.14
وسيأتي التعرض لبعض الروايات الأخرى إنشاء الله تعالى.
كلام عدة من الفقهاء المعتمدين عند السنة في التقية
قال البخاري في صحيحه : وقال الحسن : التقية إلى يوم القيامة. 15
وقال ابوبكر بن أبي شيبة في المصنف : حدثنا مروان، عن عوف، عن الحسن قال: التقية جائزة للمؤمن الى يوم القيامة، إلا أنه كان لايجعل في القتل تقية. 16
سند الخبر المتقدم
رجال الإسناد هم :
1- مروان بن معاوية الفزاري، ابو عبد الله، الكوفي. قال بشأنه ابن حجر: ثقة، حافظ، وكان يدلس أسماء الشيوخ. 17
أقول : ومانسب له تدليس الشيوخ لا الإسناد، فخبره عن عوف مسموع بمقتضى القواعد.
2- عوف ابن أبي جميلة، الأعرابي العبدي، قال بشأنه ابن حجر: ثقة، رمي بالقدر والتشيع.18
أقول: لا كلام في وثاقته وصرح ابن حجر والذهبي وابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد وغيرهم أن التشيع باصطلاحهم لاينافي الاعتقاد بإمامة أبي بكر وعمر، بل هو عندهم تفضيل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه على عثمان بن عفان، والرفض عندهم هو ما يشتمل على إنكار خلافة أبي بكر وعمر، والرجل قد احتج به البخاري ومسلم، والحديث صحيح الإسناد على شرطهما بلا إشكال.
ويبقى الكلام في الحسن البصري، فهو من كبار الفقهاء المعتمدين عند السنة ومن كبار التابعين، ومكانته عند السنة أوضح من أن تحتاج الى بيان، قال بشأنه قتادة : ماجالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن عليه، وقال أيوب السختياني : ما رأت عيناي رجلا قط كان أفقه من الحسن، وقال بكر المزني: من سره أن ينظر الى أعلم عالم أدركناه في زمانه فلينظر الى الحسن فما أدركنا الذي هو أعلم منه.19 إلى غير ذلك من العبارات التي لا مجال لذكرها.
كلام محمد بن الحنفية في التقية :
وقال أبوبكر بن أبي شيبة : حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن ابن الحنفية قال: سمعته يقول : لاإيمان لمن لاتقية له. 2
كلام مكحول الدمشقي في التقية :
قال الحافظ أبو الشيخ الاصبهاني الأنصاري : حدثنا محمد بن أحمد، قال حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال حدثنا أحمد بن الأزهر، قال حدثنا يزيد بن عبيد، قال حدثنا علي بن حوشب، عن محكول قال : ذل من لا تقية له. طبقات المحدثين بأصبهان ج4 ص 176 رقم 6 6 ط. مؤسسة الرسالة / بيروت سنة 1412هـ- 1992م
كلام الإمام الشافعي في التقية :
وقال الشافعي في كتاب الأم : ولو أن رجلا أسره العدو فأكرهه على الكفر لم تبن منه إمراته ولم يحكم عليه بشيء من حكم المرتد، قد أكره بعض من أسلم على عهد النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم على الكفر، فقاله ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فذكر له ما عذب به فنزل فيه هذا21، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم باجتناب زوجته ولا بشيء مما على المرتد. 22
وقال ابن قدامة في المغني : من أكره على الكفر فأتى بكلمة الكفر لم يصر كافرا، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والشافعي. 23
وقال ابن كثير : (( اتفق العلماء على أن المكره على الكفر يجوز له أن يولي إبقاءا لمهجته، ويجوز له أن يأبى كما كان بلال رضي الله عنه يأبى عليهم ذلك…))24
وسيأتي بيان قول جماعة في مشروعية التقية منهم عبد الله بن عباس وأبي العالية والسدي وعكرمة مولى ابن عباس والضحاك بن مزاحم وأبي يوسف القاضي وابن حزم الظاهري والطبري وغيرهم، بل نقل الإجماع على القول بالتقية في الجملة كما سيأتي بيان ذلك إنشاء الله تعالى.
موارد التقية
يمكن البحث في موارد التقية من عدة جهات :
الجهة الأولى
وهي هل أن التقية تختص بالقول أو تشمل الفعل أيضا
وقد اختلفوا في ذلك على قولين :
القول الأول :
وهو أن التقية تختص باللسان فقط، ولا تقية في اللسان، ونذكر جملة مما نقل في ذلك عن جماعة من الفقهاء المعتمدين عند السنة.
كلام إبن عباس :
1- قد يستفاد ذلك من ابن عباس فيما أخرجه عنه عدة من الحفّاظ منهم الحاكم في المستدرك والطبري والبيهقي وعبد بن حميد وابن المنذر وغيرهم بالإسناد عنه ) إلا أن تتقوا منهم تقاة ( قال : التقاة التكلم باللسان والقلب مطمئن بالإيمان فلا نبسط يده فيقتل، ولا الى إثم فإنه لاعذر له.
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم. 25
كلام أبي العالية :
2- وذهب أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي البصري26 وهو من كبار فقهاء التابعين المعتمدين عند السنة الى أن التقية باللسان فقط فيما أخرجه جماعة منهم ابو بكر بن أبي شيبة في المصنف حيث قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية ) إلا أن تتقوا منهم تقا ( قال: التقية باللسان وليس بالعمل. 27
وقال الطبري في تفسيره : حدثنا المثنى، قال حدثنا إسحاق، قال حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، في قوله ) لايتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ( إلى )إلا أن تتقوا منهم تقاة ( قال : قال ابو العالية: التقية باللسان وليس بالعمل. 28
وجميع رواة الخبر عندهم من الثقاة.
كلام الضحاك بن مزاحم :
3- والى هذا ذهب الضحاك بن مزاحم وهو أحد كبار المفسرين المعتمدين عند السنة29، قال الطبري في تفسيره: حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال أخبرنا عبيد، قال سمعت الضحاك يقول في قوله ) إلا أن تتقوا منهم تقاة ( قال: التقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو لله معصية فتكلم مخافة على نفسه وقلبه مطمئن بالإيمان فلا إثم عليه، إنما التقية باللسان.3
كلام إبن حجر العسقلاني :
4- وقال الحافظ ابن حجر : وقال قوم : محل الرخصة في القول دون الفعل كأن يسجد للصنم او يقتل مسلما او يأكل الخنزير او يزني، وهو قول الأوزاعي وسحنون، وأخرج إسماعيل القاضي بسند صحيح عن الحسن أنه لايجعل التقية في قتل النفس المحترمة. 31
القول الثاني :
وهو : أن التقية لا تختص باللسان، بل تشمل الفعل أيضا، واليه ذهب جماعة من فقهاء السنة، ونذكر ما نقل عن جماعة ممن ذهبوا إلى هذا القول :
1- الذي يظهر مما تقدم عن الحسن البصري هو ثبوت التقية في جميع الموارد ماعدا القتل كما تقدم عنه.
كلام عكرمة مولى ابن عباس :
2-والذي يظهر من المروي عن عكرمة مولى ابن عباس استثناء النفس والمال فيما أخرجه الطبري حيث قال: حدثنا المثنى، قال حدثنا إسحاق، قال حدثنا حفص بن عمر، قال حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله )إلا أن تتقوا منهم تقاة ( قال: ما لم يهرق دم مسلم، ومالم يستحل ماله.32
كلام الفخر الرازي :
3- وقال الفخر الرازي وهو من كبار فقهاء الشافعية في التفسير الكبير : (( ان التقية إنما تكون إذا كان الرجل في قوم كفار ويخاف منهم على نفسه وماله فيداريهم باللسان، وذلك بأن لايظهر العداوة، بل يجوز أيضا أن يظهر الكلام الموهم للمحبة والموالاة، ولكن بشرط أن يضمر خلافه، وأن يعرض في كل مايقول، فإن التقية تأثيها في الظاهر لافي أحوال القلوب. ))
وقال أيضا : (( الحكم الثالث للتقية أنها إنما تجوز فيما فيما يتعلق بإظهار الموالاة والمعاداة، وقد تجوز أيضا فيما يتعلق بإظهار الدين، فأما ما يرجع ضرره الى الغير كالقتل والزنا وعصب الأموال والشهادة بالزور وقذف المحصنات وإطلاع الكفار على عورات المسلمين، فذلك غير جائز البتة. ))33
وكلام الفخر الرازي واضح في شمول التقية لموارد اللسان الفعل الا فيما يعود ضرره على الغير كما هو الحال بالنسبة للأمور المذكورة.
كلام إبن حجر العسقلاني :
4- وقال الحافظ ابن حجر : وقالت طائفة : الإكراه في القول والفعل سواء، وأختلف في حد الإكراه.34
الجهة الثانية
حكم التقية بين المسلمين
في أن التقية هل تختص بين الكفار والمسلمين أو تقع بين المسلمين والمسلمين أيضا
والذي عليه مذهب الإمام الشافعي عدم اختصاص حكم التقية بين المسلمين والكافرين، بل تصح بين المسلمين أنفسهم.
مذهب الإمام الشافعي في المسألة :
قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: ((…ظاهر الآية يدل على أن التقية إنما تحل مع الكفار الغالبين، إلا أن مذهب الشافعي رضي الله عنه أن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلت التقية محاماة عن النفس. ))35
وقال ابن مفلح المقدسي الحنبلي في الفروع : وإنّ الشرع والعقل أوجبا التحرز من العوام بالتقية. الفروع ج6 ص 384 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1418هـ.
من يحتج بهم السنة ممن مارسوا التقية
بين المسلمين
التقية بين الصحابة
وهذا المعنى قد يستدل عليه من فعل بعض الصحابة، فقد روي عنهم أنهم كانوا يمارسون التقية فيما بينهم، قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزّال بن سبرة، قال: دخل ابن مسعود وحذيفة على عثمان، فقال عثمان لحذيفة : بلغني أنك قلت كذا وكذا؟ قال: لا والله ماقلته. فلما خرج قال له عبد الله : مالك تقـوله ما سمعتك تقـو ل ؟ فقال: إني أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله.36
علماء السنة الذين مارسوا التقية في الوسط المسلم
1- يقول محمد بن إسماعيل اليمني المعروف بالأمير الصنعاني في سبل السلام :. .. ومن هنا تعلم أنّ حذف لفظ الآل من الصلاة كما يقع في كتب الحديث ليس على ما ينبغي، وكنت سئلت عنه قديماً فأجبت أنه قد صح عند أهل الحديث بلا ريب كيفية الصلاة على النبي B وهم رواتها، وكأنهم حذفوها خطأ تقية لما كان في الدولة الأموية من يكره ذلك، ثم استمر عليه عمل الناس متابعة من الآخر للأول، فلا وجه له. سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني ج1 ص371 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 14 8هـ- 1988م وج1 ص 193 ط. دار إحياء التراث العربي / بيروت سنة 1379هـ.
2- يقول الشوكاني أُثناء ذمه للتقليد وأنّ بعض التقليدات من البدع : وحينئذ لم يقل بهذه التقليدات عالم من العلماء المجتهدين أنه يسوغ صنيع هؤلاء المقلدة الذين فرقوا دين الله وخالفوا بين المسلمين، بل أكابر العلماء بين منكر لها وساكت عنها سكوت تقية لمخافة الضرر، أو لمخافة فوات نفع، كما يكون ذلك كثيراً، لا سيما من علماء السوء. القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد. المطبوع مع الرسائل السلفية للشوكاني ص 21 ط. دار الكتاب العربي / بيروت سنة 1411هـ- 1991م.
3- ويقول أيضاً : فانظر إليها أيها المنصف بعين الإنصاف، هل يعد سكوت علماء الاجتهاد على إنكار بدعة التقليد مع الأمور موافقة لأهلها على جوازها ؟ كلا والله، فانه سكوت تقية، لا سكوت موافقة مرضية، ولكنهم مع سكوتهم عن التظاهر بذلك لا يتركون بيان ما أخذ الله عليهم بيانه، فتارة يصرحون بذلك في مؤلفاتهم، وتارة يلوحون به، وكثير منهم يكتم ما يصرح به من تحريم التقليد إلى ما بعد موته، كما روى الأدفودي عن شيخه الإمام ابن دقيق العيد أنه طلب منه ورقة وكتبها في مرض موته وجعلها تحت فراشه، فلما مات أخرجوها، فإذا هي في تحريم التقليد مطلقاً، ومنهم من يوضح ذلك لمن يثق به من أهل العلم، ولا يزالون متوارثين لذلك فيما بينهم طبقة بعد طبقة، يوضحه السلف للخلف، ويبينه الكامل للمقصر، وان انحجب ذلك عن أهل التقليد، فهو غير محتجب عن غيرهم. القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد ص 212.
4- قال الفاكهي في أخبار مكة أيضا : حدثنا يعقوب بن حميد، قال حدثنا عبد الله بن الحارث المخزومي، قال حدثني غير واحد أن محمد بن هشام سأل عطاء بن أبي رباح عن متعة النساء، فحدثه فيها ولم ير بها بأسا. قال: فقدم القاسم بن محمد. قال: فأرسل إليه محمد بن هشام، فقال: لا ينبغي، هي حرام، قال ابن هشام: عطاء حدثني فيها وزعم أنه لا بأس بها؟ فقال القاسم: سبحان الله ما أرى عطاءا يقول هذا، فأرسل إليه ابن هشام، فلما جاءه قال: يا أبا محمد حدث القاسم الذي حدثتني في المتعة، فقال: ما حدثتك فيها شيئا. قال ابن هشام: بلى قد حدثتني. فقال: ما فعلت، فلما خرج القاسم قال له عطاء: صدقت، أخبرتك، ولكن كرهت أن أقولها بين يدي القاسم فيلعنني، ويلعنني أهل المدينة. 37
5- يقول الذهبي في ترجمة أبي نصر التمار عبد العزيز بن عبد الملك بن ذكوان القشيري النسوي الدقيقي : الإمام، الثقة، الزاهد القدوة. سير أعلام النبلاء ج1 ص 571 ط. مؤسسة الرسالة بيروت.
ثم قال : وقال أبو الحسن الميموني : صح عندي أنه يعني أحمد لم يحضر أبا نصر التمار حين مات، فحسبت أنّ ذلك لما كان أجاب في المحنة.
قال الذهبي : قلت : أجاب تقية وخوفاً من النكال، وهو ثقة بحال ولله الحمد. سير أعلام النبلاء ج1 ص 573.
6- ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء أنّ المأمون كتب إلى نائبه على بغداد إسحاق بن إبراهيم الخزاعي بأنّ يمتحن المحدثين وغيرهم في مسألة خلق القرآن وقال بعد ذلك :
وكتب إليه المأمون أيضاً في أشخاص سبعة أنفس وهم : محمد بن سعد كاتب الواقدي، ويحي بن معين، وأبو خيثمة، وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارون، وإسماعيل بن داود، وإسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، فأشخصوا إليه، فامتحنهم بخلق القرآن، فأجابوه، فردهم من الرقة إلى بغداد، وسبب طلبهم أنهم توقفوا أولاً، ثم أجابوه تقية. تاريخ الخلفاء ص 31
7- قال الذهبي أثناء كلامه عن يحي بن معين : وكان يحي رحمه الله من أئمة السنة، فخاف من سطوة الدولة وأجاب تقية. سير أعلام النبلاء ج11 ص 87.
8- قال الذهبي : قال يعقوب القرّاب : سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول : قد نويت أن لا أحدث عن أحد أجاب إلى خلق القرآن.
قال الذهبي : قلت : من أجاب تقية فلا بأس عليه وترك حديثه لا ينبغي. سير أعلام النبلاء ج13 ص 322.
9- قال ابن قدامة الحنبلي في المغني : لا تجوز الصلاة خلف المبتدع والفاسق في غير جمعة وعيد، فيصليان بمكان واحد من البلد، فإن خاف إنْ ترك الصلاة خلفه، فإنه يصلي خلفه تقية، ثم يعيد الصلاة. المغني لابن قدامة ج2 ص 186 وص 192.
التقية في الأعراض عند بعض فقهاء السنة
قال القرطبي في تفسيره : أجمع العلماء أنّ من أمره على قتل غيره أنه لا يجوز له الإقدام على قتله. ..
إلى أنْ قال : وأختلف في الزنا فقال مطرف وأصبغ وابن الحكم وابن الماجشون لا يفعل ذلك أحد. ..
إلى أنْ قال : قال ابن العربي : الصحيح أنه يجوز الإقدام على الزنا ولا حد فيه.
قال القرطبي أيضاً : وقال ابن خويز مَنْدَاد في أحكامه : اختلف أصحابنا متى أكره الرجل على الزنا، فقال بعضهم عليه الحد، وقال بعضهم : لا حد عليه. قال ابن خويز منداد : وهو الصحيح.
وقال القرطبي أيضأً نقلاً عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني : أنه لا يحد، ونقله أيضاً عن ابن المنذر. تفسير القرطبي ج1 ص 183، 184 ط. دار الكتاب العربي / بيروت
وذكر ابن مفلح الحنبلي أنْ من أكره على الزنا فلا حد عليه. المبدع لابن مفلح الحنبلي ج9 ص 71 ط. المكتب الإسلامي / بيروت سنة 14 هـ.
التقية في الصيام وشرب الخمر
قال القرطبي : روى ابن القاسم عن مالك أنّ من أكره على شرب الخمر وترك الصلاة أو الإطار في رمضان أنّ ألإثم مرفوع عنه. تفسير القرطبي ج1 ص 183.
التقية المداراتية عند السنة
يقول المراغي في تفسيره : ويدخل في التقية مداراة الكفرة، والظلمة، والفسقة، وإلانه الكلام لهم، والتبسم في وجوههم، وبذل المال لكف أذاهم، وصيانة العرض منهم، ولا يُعد هذا من الموالاة المنهي عنها، بل هو مشروع. تفسير المراغي ج3 ص 136، 137.
1 المصباح المنير ص257، مادة وقى.
2 هذه التعاريف يراد منها شرح اللفظ، ولهذا فلامعنى لمناقشتها من حيث الجامعية والمانعية.
3 فتح الباري ج12 ص388.
4 النهاية في غريب الحديث والأثر ج1 ص193.
5 تصحيح الإعتقاد للشيخ المفيد ص115.
6 سورة آل عمران : 28.
7 فتح الباري ج8 ص262.
8 فتح الباري ج12 ص383.
9 تفسير الطبري ج3 ص228.
1  الباري ج12 ص387، كتاب الإكراه.
11 تفسير الطبري ج3 ص228.
12 سورة النحل : 1 6.
13 المستدرك على الصحيحين ج2 ص389 ح3362، الدر المنثور للسيوطي ج4 ص248، السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص2 8، تفسير الطبري ج14 ص182، وغير ذلك من المصادر.
14 المستدرك على الصحيحين ج2 ص39 ح3365.
15 فتح الباري ج12 ص385، كتاب الإكراه.
16 المصنف لابن أبي شيبة ج6 ص474 ح33 42.
17 تقريب التهذيب ص526 رقم6575.
18 تقريب التهذيب ص433 رقم5215.
19 تهذيب التهذيب ج2 ص232 رقم 488.
2  المصنف لابن أبي شيبة ج6 ص474 ح33 45.
21 يعني قوله تعالى : ) إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان (
22 كتاب الأم للشافعي ج6 ص175.
23 المغني لإبن قدامة ج1 ص1 5، الشرح الكبير ج1 ص1 8.
24 تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص568.
25 المستدرك على الصحيحين ج2 ص319 ح3149، السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص2 9، تفسير الطبري ج3 ص228، 229، الدر المنثور للسيوطي ج2 ص29، وغير ذلك من المصادر.
26 قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج4 ص2 7 رقم85 : الإمام المفسر، ابو العالية، الرياحي، البصري، أحد الأعلام. وقال ابوبكر بن أبي داود: ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقراءة من أبي العالية، وبعده سعيد بن جبير وبعده السدي وبعده الثوري. راجع تهذيب التهذيب ج3 ص246 رقم539.
27 المصنف لابن أبي شيبة ج6 ص474 ح33 43.
28 تفسير الطبري ج3 ص229.
29 قال بشأنه الذهبي في سير أعلام النبلاء ج4 ص598 رقم238: صاحب التفسير، كان من أوعية العلم.
3  تفسير الطبري ج3 ص229.
31 فتح الباري ج12 ص389، كتاب الإكراه.
32 تفسير الطبري ج3 ص228.
33 التفسير الكبير للفخر الرازي ج8 ص13، 14.
34 فتح الباري ج12 ص389، كتاب الإكراه.
35 التفسير الكبير للفخر الرازي ج8 ص14.
36 المصنف لابن أبي شيبة ج6 ص474 ح33 5 .
37 أخبار مكة ج3 ص15 ح1718.

 

 

المصدر :نجاح

الإستبصار (http://estebsar.ir)



تعليقات المستخدم

عدد التعليقات 0

ارسال تعليق



محتويات المادة المذكورة أعلاه