الظاهر أن المقصود من العلامات المذكورة في الروايات الإشارة إلى حتمية وجود الإمام، ولابدية خروجه، وبيان أهداف نهضته، وإفلاس المدارس الفكرية عن تحقيق الأهداف المنشودة، والتأكيد على فكرة الانتظار, فهو مستحب نفسي لا غيري؛ وذلك لما ورد من إمكان نسخ جل هذه العلامات, وأن هذه العلامات لم تتحقق دفعة واحدة، بل بعضها تحقق في زماننا, فيلزم لغوية العلامة في زماننا، بل لنا أن نقول: إن هذه العلامات فيها من السعة والكلية حتّى يمكن تطبيق بعضها في جميع الأزمنة لتحصيل الهدف, وهو الخوف والرجاء، وللتنظير الاستعانة بالعلامات القرآنية المحدّثة عن قيام الساعة (راجع سورة التكوير والانفطار) فإنه لا يتعقل لها أثر، العلاقة الموضوعية إنما هي للتنبيه على قيام الساعة، أو نظير البشائر المذكورة في الكتب السماوية لظهور الخاتم. ولنا أن نشير إلى بعض تلك العلامات:
1 _ إنتشار الظلم, وشيوع الجور, وانعدام الأمن والإستقرار، وشيوع الحرب والخسوف والكسوف.
كما يروي أبو سعيدٍ الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يزال بكم الأمر (الشدة والضيق) حتّى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف غيرها حتّى يملأ الأرض جوراً، فلا يقدر أحد يقول الله، ثمّ يبعث الله عز وجل رجلاً مني ومن عترتي، فيملأ الأرض عدلاً كما ملأها من كان قبله جوراً، وتُخرج له الأرض أفلاذ كبدها، ويحثو المال حثواً ولا يعده عدا، وذلك حين يضرب الإسلام بجرانه).(1)
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ينزل بأمّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه, حتّى تضيق عنهم الأرض الرحبة, وحتّى تملأ الأرض جوراً وظلماً, لا يجد المؤمن ملجأ يلتجى إليه من الظلم, فيبعث الله عز وجل رجلاً من عترتي, فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً, يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض, لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلاّ أخرجته, ولا السماء من قطرها شيئاً إلاّ صبّه الله عليهم مدراراً, يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع, تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره).(2)
2 _ خروج الدجال.
تظافرت الأخبار بحتمية ظهوره. ولقد حذر الأنبياء أجمعهم من فتنة الدجال وإغرائه ودعواه الكاذبة التي تصد عن الحق وتلقي الناس في شر عظيم، ومن أبرز خصائصه يأتي الناس بالطعام لإغرائهم وصدهم عن سبيل الله، وتسخير الكنوز له, واتّباع اليهود له, ويسخر آفاق الأرض وهو آخر الأئمّة المضلين وقائد الفئة المضلة ويظهر من بعض الآثار أن التحالف بين النواصب واليهود سيبلغ أوجه في زمن الإمام المهدي عليه السلام وتكون نهاية النواصب أن يرتدوا عن الإسلام ويتبعوا الدجال زعيم اليهود.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني خاتم ألف نبي وأكثر, ما بعث نبي يتّبع إلاّ قد حذر أمّته الدجال, وإني قد بُيّن لي من أمره ما لم يُبيّن لأحد, … معه من كل لسان, ومعه صورة الجنّة خضراء يجرى فيها الماء, وصورة النار سوداء تداخن) (3).(4)
3 _ خروج السفياني.
والكلام هل أنه شخص, أم أسرة, أم فكرة؟ وهكذا الكلام في العلامة السابقة, وقد أسلفنا أن الهدف المتوخي من هذه العلامات الإشارة إلى التحذير في الوقوع في مدارس الضلال والإنحراف ومدارس الازدواجية الفكرية والمدارس الالتقاطية.
نعم, لا بأس بالتعرض للحركات الممهدة قبل الظهور والحركات المناوئة قبل الظهور وحين الظهور على المستوى التنظيمي والشخصي.
4 _ الرايات السود التي تخرج من خراسان أو من المشرق.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فائتوها ولو حبوا على الثلج, فإن فيها خليفة الله المهدي).(5)
وعن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة، فإذا ظهر المهدي عليه السلام بعث إليه بالبيعة).(6)
5 _ نداء ملك السماء يبشر بظهور الإمام ويدعو الناس إلى متابعته.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي: هذا المهدي فاتبعوه).(7)
6 _ كسوف الشمس والقمر قبل خروج المهدي (عليه السلام).
أكّد الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أن الشمس ستنكسف في شهر رمضان مرتين قبل خروج المهدي.
في سنن الدار قطني: عن جابر, عن محمّد بن عليّ عليه السلام قال: (إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض, ينكسف القمر لأوّل ليلة من رمضان, وتنكسف الشمس في النصف منه, ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض).(8)
7 _ البلاء الشامل وامتلاء الأرض بالظلم والجور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع: غيبة الطوسي: 198.
(2) راجع: الفصول المختارة: 306.
(3) راجع: غيبة الطوسي: 322.
(4) راجع: البداية والنهاية لابن كثير 11: 203.
(5) راجع المنار المنيف: 153.
(6) مقدمة ابن خلدون: 260.
(7) المصدر السابق.
(8) حياة الإمام المهدي/ باقر شريف القرشي: 139.
عدد التعليقات 0