الإستبصار (موقع يهتم بشؤون المستبصرين )
لقد جاء في أحد المنشورات التي تتطاول على الشيعة الآتي : لا يجوز لمن يخاف الله إذا تذكر قتل الحسين و من معه رضي الله عنهم أن يقوم بلطم الخدود و شق الجيوب و النوح و ما شابه ذلك ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه [ و آله ] و سلم أنه قال: ” ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب ” أخرجه البخاري ، و قال : ” انا بريء من الصالقة و الحالقة و الشاقة ” ، أخرجه مسلم . و الصالقة هي التي تصيح بصوت مرتفع . و قال : ” إن النائحة إذا لم تتب فإنها تلبس يوم القيامة درعاً من جرب و سربالاً من قطران ” أخرج مسلم ، و الواجب على المسلم العاقل إذا تذكر مثل هذة المصائب أن يقول كما أمر الله : ( الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) ، و ما علم أن علي بن الحسين أو ابنه محمداً أو ابنه جعفراً او مو سى بن جعفر رضي الله عنهم ماعرف عنهم و لا عن غيرهم من ائمة الهدى انهم لطموا أو شقوا أو صاحوا فهؤلاء هم قدوتنا . هذا ما ورد في المنشور من أكاذيب ، فكيف نرد عليهم سادتي ؟
الجواب:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد :
للإجابة على هذا السؤال لا بُدَّ و أن نأخذ بعين الإعتبار النقاط الهامة حتى تتبيَّن لنا من خلالها مشروعية الشعائر الحسينية و أهميتها و ضرورة إستمرارها .
النقطة الأولى : إن الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) ليس إنساناً عادياً كسائر الناس ، فهو سبط رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، و خامس أصحاب الكساء الذين قال الله عَزَّ و جَلَّ عنهم : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [1] ، حيث ان مصادر الحديث و التفسير تؤكد على أن هذه الآية قد نزلت في خمسة هم :
1. النبي محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
2. الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
3. السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) .
4. الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
5. الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
ففي صحيح مسلم بالإسناد إلى صفية بنت شيبة قالت :خرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) غداة و عليه مِرْط[2] مرحّل[3] من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } [4].
و في مسند أحمد بن حنبل ، عن أم سلمة أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة فيها خزيرة [5]فدخلت بها عليه فقال لها : إدعي زوجك و ابنيك ، قالت : فجاء علي و الحسن و الحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة و هو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري ـ قالت ـ وأنا أصلي في الحجرة ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها السماء ثم قال :
اللهم إن هؤلاء أهلُ بيتي وخاصتي فأًذهِب عنهم الرجسَ ، وطَهِّرهم تطهيراً ، اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهِب عنهم الرجسَ وطَهِّرهُم تطهيراً.
قالت : فأدخلتُ رأسي البيت فقلت : وأنا معكم يا رسول الله ؟
قال : ” إنك إلى خير إنك إلى خير “[6].
و من الواضح إن تخصيص هؤلاء الخمسة دون غيرهم بهذه المكانة العالية الرفيعة ليس عفويا ، بل هو تعبير عن إعداد إلهي هادف لبيان الوجود الإمتدادي في حركة الرسالة ، و هذا الوجود لا يمثله إلا أهل البيت ( عليهم السلام ) لإمتلاكهم جميع الخصائص و الكفاءات التي تؤهلهم لذلك .
النقطة الثانية : إن الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) جسّد أروع معاني الإباء و التحدي برفضه لبيعة يزيد ، و وقوفه أما الإنحراف ، و الحيلولة دون إتصافه بالشرعية ، و قد تمكن الامام الحسين ( عليه السَّلام ) من جعل ثورته رسالة مفتوحة لكل الأجيال و في كل العصور و الدهور ، و في كل موقع و مكان .
النقطة الثالثة : إن إحياء ذكرى واقعة الطف الأليمة يُعتبر نوعاً من البيعة الصادقة و الإعلان المستمر للإستعداد لمقاومة الظالمين و المنحرفين عن الخط الاسلامي الصحيح .
النقطة الرابعة : إن ما حَلَّ بآل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) في يوم عاشوراء في كربلاء ، لم يكن حدثاً عابراً يمكن نسيانه ، أو قضية شخصية ذات أبعاد فردية محصورة و محدودة ، بل هو حدث من نوع آخر يرتبط بمصير الأمة الإسلامية و مستقبلها و ضمان إستمراريتها ، فقضية الحسين إنما هي قضية كل مسلم و مؤمن يؤمن برسالة سيد المرسلين ( صلى الله عليه وآله ) .
النقطة الخامسة : إن فضاعة حادثة عاشوراء مما تهتز لها الانسانية و يرتعش له وجدان كل إنسان حي الضمير ، و يصرخ لهولها كل مؤمن غيور ، كيف لا و قد إنتهكت بواقعة الطف كل الحرمات و سحقت كافة المُقدسات و القيم .
النقطة السادسة : ليس غريباً لحدث عظيم كهذا أن يُحدث إستنكاراً فريداً و مميزاً بين المسلمين يدوم قروناً طويلة ، و يزداد حرارة و تفاعلاً كلما مضى عليه الزمان ، و من هذا المنطلق فإننا نجد ان إحياء ظلامة الحسين ( عليه السَّلام ) في كل عصر و زمان كان هدفاً نبيلاً و مطلباً حميداً لكل مؤمن حر الضمير .
النقطة السابعة : تعتبر مسألة إقامة الشعائر الحسينية و إحياءها جزءاً لا يتجزأ من الوفاء و التقدير لما قدَّمه الحسين ( عليه السَّلام ) و أصحابه الأبرار من التضحيات و المواقف النبيلة في تلك الثورة العظيمة ، حيث ضحوا بأنفسهم في سبيل حفظ الدين و حماية مبادئه التي أراد لها الأمويون منحىً آخر لا صلة له بالإسلام .
النقطة الثامنة : كما أن في الشعائر الحسينية إبقاءً للجهاد ضد الظالمين حياً في النفوس لئلا تصاب الجماهير بحالة من الشلل و الركود و الاستكانة للظالمين و المفسدين ، و تخلد إلى الدعة و الاستسلام ، فالشعائر الحسينية هي من جملة الدوافع للأمة لتتغير واقعها المأساوي ، و إن فيها تهجيناً للظلم و القسوة ، و في ذلك نوع من الحث على بغض الظلم و أهله .
النقطة التاسعة : إذن فمن الضروري أن تبقى القضية الحسينية حيَّةً متحركة في التعبئة الجماهيرية الواسعة بكل الوسائل التعبوية ، لأن القضية الحسينية كالقضية الإسلامية ، فلا بُدَّ أن يتزاوج فيها العقل و العاطفة ، و لا بُدَّ أن يتزاوج فيها الإيمان و الحس ، و كما أننا نحتاج إلى البراهين العلمية و إلى الجو العلمي من أجل تنمية الأفكار في عقولنا ، نحتاج كذلك إلى الأساليب العاطفية من أجل تعميق العاطفة في إحساسنا و مشاعرنا ، و لا بُدَّ من إعطاء العاطفة دورها في كل قضية تتصل بالجانب العقيدي ، لأنه لا العقل وحده و لا الفكر وحده بقادرين على تخليد أي مبدأ .
النقطة العاشرة : و على ضوء هذا ، فإننا نعتقد أن المواكب الحسينية بكل أشكالها المشروعة ضرورة ، كما أن البكاء يعتبر حالة إنسانية طبيعية لا بد أن نثيرها بالوسائل التي يمكن للإنسان أن يتأثر بها .
النقطة الحادية عشرة : و تعتبر المراثي الحسينية التي يقرأها الخطباء أو الرواديد في الحسينيات من أبرز العوامل المؤثرة في إثارة العواطف و تعبئة النفوس للتذكير بمصاب الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) و أهل بيته .
النقطة الثانية عشرة : هذا و رغم إختلاف وسائل التعبير عن الولاء و البيعة للقضية الحسينية لدى الناس فإنها ترمز إلى هدف واحد ، فمجالس العزاء بأشكالها ، و مسيرات العزاء بأنواعها ليست إلا تعبيرات مختلفة عن حقيقة واحدة و هي إحياء ذكرى فاجعة كربلاء الأليمة ، و الحيلولة دون تكرار أمثالها من المآسي .
النقطة الثالثة عشرة : و من هذا المنطلق اخذت الشيعة الاماميّة تُظهر مختلف علامات الحزن و العزاء على الامام الحسين ( عليه السَّلام ) كلّ بحسب منطقته و عاداته و تقاليده ، فبعضهم اتخذ ـ مثلا ـ اللطم على الصدور طريقة من طرق اظهار الحزن ليظهر من خلاله حبّه و ولاءه الشديد لابي عبد الله الحسين ( عليه السَّلام ) و اعتبروه عملاً راجحاً يتوقّعون فيه الأجر و الثواب من الله عَزَّ و جَلَّ .
مشروعية إقامة الشعائر الحسينية :
هذا و لا شك أن إقامة الشعائر الحسينية و إحياءها مما ثبتت مشروعيتها بل ضرورتها ، فقد حَثَّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) على إحياء هذه الذكرى و إقامة مجالس العزاء .
فلقد اتفقت كتب الحديث و الرواية سواء كانت من مؤلفات الشيعة أو من مصنفات إخواننا السنة على أن جبرئيل قد أوحى إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنبأ مقتل الامام الشهيد الحسين ( عليه السَّلام ) و مكان استشهاده .
قال العلامة السيد محسن الأمين العاملي[7] : ذكر الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي في كتابه ” اعلام النبوة ” صفحة : 83 طبع مصر فقال :
و من إنذاره ( صلى الله عليه وآله ) ما رواه عروة عن عائشة قالت : ” دخل الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) و هو يوحى اليه ، فبرك عل ظهره و هو منكب و لعب على ظهره .
فقال جبرئيل : يا محمد ، إن أمتك ستفتن بعدك و تقتل ابنك هذا من بعدك ، و مدَّ يده فأتاه بتربة بيضاء ، و قال : في هذه الأرض يقتل ابنك ـ اسمها الطف ـ .
فلما ذهب جبرئيل خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الى أصحابه و التربة في يده ، و فيهم أبو بكر و عمر و علي و حذيفة و عمار و أبو ذر و هو يبكي .
فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟
فقال : أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف ، و جاءني بهذه التربة ، فأخبرني أن فيها مضجعه [8] .
ثم يضيف السيد محسن العاملي على ذلك بقوله :
أقول : و لا بُدَّ أن يكون الصحابة لما رأوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يبكي لقتل ولده و تربته بيده ، و أخبرهم بما أخبره جبرئيل من قتله ، و أراهم تربته التي جاء بها جبرئيل ، أخذتهم الرقة الشديدة فبكوا لبكائه و واسوه في الحزن على ولده ، فان ذلك مما يبعث على أشد الحزن و البكاء لو كانت هذه الواقعة مع غير النبي ( صلى الله عليه وآله ) و الصحابة ، فكيف بهم معه ؟! فهذا أول مأتم أقيم على الحسين ( عليه السَّلام ) يشبه مآتمنا التي تقام عليه ، و كان الذاكر فيه للمصيبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) و المستمعون أصحابه .
و رغم أننا ندعو إلى ترشيد هذه الوسائل و إستخدامها بأفضل صورة ممكنة تتناسب مع الزمان و المكان و تتوافق مع التطورات ، إلا أننا لا نوافق على نسيان أصل الحادثة و عللها و أسبابها ، و ترك الظالمين و المعتدين و التحفظ في شجب أعمالهم و إعلان الموقف الرافض تجاههم ، و التوجه إلى المظلومين و المفجوعين و انتقادهم على كل صغيرة تصدر عنهم ، هذا لعمري هو الانحراف بعينه .
هذا وإنّ مجالس العزاء التي تقام لاهل البيت ( عليهم السلام ) ـ خصوصاً لابي عبد الله ( عليه السَّلام ) ـ بشكل عام أو التي تقام لذوي الفضل و الفضيلة بشكل خاص ليست ببدعة و ذلك لأن البدعة هي إدخال ماليس من الدين في الدين ، و إقامة مجالس العزاء لذوي الفضل و الفضيلة ـ فضلاً عن أهل البيت ( عليهم السلام ) و الحسين ( عليه السَّلام ) ـ من الدين لوجود النصوص الشرعيّة من النبي ( صلى الله عليه وآله ) و أهل بيته المعصومين ( عليهم السلام ) على استحباب إقامتها و رجحانها .
و مما يدل على مشروعية إقامة العزاء على الحسين ( عليه السَّلام ) :
1. روى البخاري في صحيحه في باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن ، بسنده عن عائشة قالت : لما جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) قتل ابن حارثة و جعفر و ابن رواحه جلس يعرف فيه الحزن .
قال القسطلاني في الشرح ـ بعد قوله ” جلس ” ـ أي في المسجد كما في رواية أبي داود [9] .
2. روى البخاري في صحيحه في الباب المذكور بسنده عن أنس قال : قنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) شهراً حين قتل القرّاء ، فما رأيت رسول الله حزن حزناً قط اشدّ منه [10] .
مشروعية اللطم :
أمّا اللطم على الصدور فهو من حيث الأصل مباح شرعاً إذا كان القيام به لهدف مشروع و غرض عقلائي و لم يترتّب عليه ضرر كبير .
و دليلنا الشرعي على جوازه و مشروعيته ما رواه الشيخ الطوسي عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنه قال : ” … وَ قَدْ شَقَقْنَ الْجُيُوبَ وَ لَطَمْنَ الْخُدُودَ الْفَاطِمِيَّاتُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) وَ عَلَى مِثْلِهِ تُلْطَمُ الْخُدُودُ وَ تُشَقُّ الْجُيُوبُ ” [11] .
اذن فاللطم على الصدور ليس ببدعه بل هو أمر جائز بل راجح اذا كان لأجل مظلومية أهل البيت ( عليه السَّلام ) لا سيما الامام الحسين ( عليه السَّلام ) .
هذا و ان إظهار المصيبة و الجزع على المعصومين ( عليهم السلام ) و على الحسين ( عليه السَّلام ) خاصة مما استثني من عموم النهي عن الجزع الوارد في الأحاديث .
فقد رُوِيَ عَنْ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) أنه قال وهو واقفٌ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) سَاعَةَ دَفْنِه : ” … إِنَّ الصَّبْرَ لَجَمِيلٌ إِلَّا عَنْكَ وَ إِنَّ الْجَزَعَ لَقَبِيحٌ إِلَّا عَلَيْكَ ” [12] .
وَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام )[13] فِي حَدِيثٍ قَالَ : ” كُلُّ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ سِوَى الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ عَلَى الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) ” [14] .
وَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ قَالَ لِشَيْخٍ : ” أَيْنَ أَنْتَ عَنْ قَبْرِ جَدِّيَ الْمَظْلُومِ الْحُسَيْنِ ” ؟
قَالَ : إِنِّي لَقَرِيبٌ مِنْهُ .
قَالَ : ” كَيْفَ إِتْيَانُكَ لَهُ ” ؟
قَالَ : إِنِّي لآَتِيهِ وَ أُكْثِرُ .
قَالَ : ” ذَاكَ دَمٌ يَطْلُبُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ” .
ثُمَّ قَالَ : ” كُلُّ الْجَزَعِ وَ الْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ مَا خَلَا الْجَزَعَ وَ الْبُكَاءَ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) ” [15] .
وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ :
” إِنَّ الْبُكَاءَ وَ الْجَزَعَ مَكْرُوهٌ لِلْعَبْدِ فِي كُلِّ مَا جَزِعَ مَا خَلَا الْبُكَاءَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) فَإِنَّهُ فِيهِ مَأْجُورٌ ” [16] .
وَ عَنْ مِسْمَعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ : قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) فِي حَدِيثٍ :
” أَ مَا تَذْكُرُ مَا صُنِعَ بِهِ ـ يَعْنِي بِالْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) ـ ؟
قُلْتُ : بَلَى .
قَالَ : ” أَ تَجْزَعُ ؟
قُلْتُ : إِي وَ اللَّهِ وَ أَسْتَعْبِرُ بِذَلِكَ حَتَّى يَرَى أَهْلِي أَثَرَ ذَلِكَ عَلَيَّ فَأَمْتَنِعُ مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى يَسْتَبِينَ ذَلِكَ فِي وَجْهِي .
فَقَالَ : ” رَحِمَ اللَّهُ دَمْعَتَكَ ، أَمَا إِنَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُعَدُّونَ مِنْ أَهْلِ الْجَزَعِ لَنَا وَ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ لِفَرَحِنَا وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا ، أَمَا إِنَّكَ سَتَرَى عِنْدَ مَوْتِكَ حُضُورَ آبَائِي لَكَ وَ وَصِيَّتَهُمْ مَلَكَ الْمَوْتِ بِكَ وَ مَا يَلْقَوْنَكَ بِهِ مِنَ الْبِشَارَةِ أَفْضَلُ وَ لَمَلَكُ الْمَوْتِ أَرَقُّ عَلَيْكَ وَ أَشَدُّ رَحْمَةً لَكَ مِنَ الْأُمِّ الشَّفِيقَةِ عَلَى وَلَدِهَا ـ إِلَى أَنْ قَالَ ـ مَا بَكَى أَحَدٌ رَحْمَةً لَنَا وَ لِمَا لَقِينَا إِلَّا رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ الدَّمْعَةُ مِنْ عَيْنِهِ ، فَإِذَا سَالَ دُمُوعُهُ عَلَى خَدِّهِ فَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ دُمُوعِهِ سَقَطَتْ فِي جَهَنَّمَ لَأَطْفَأَتْ حَرَّهَا حَتَّى لَا يُوجَدَ لَهَا حَرٌّ … ” [17] .
—————————————-
[1] سورة الأحزاب ( 33 ) ، الآية : 33 .
[2] المِرْط : كساء من صوف أو خزّ أو كتان يؤتزر به .
[3] مرحل : ضرب من برود اليمن .
[4] صحيح مسلم : 4 / 1883 ح 2424 ، ط بيروت .
[5] الخَزِيرَة : حساء من لحم ودقيق .
[6] مسند احمد بن حنبل : 6 / 292 ، طبعة : بيروت .
[7] يراجع : إقناع اللائم على إقامة المآتم : 30 ، للعلامة السيد محسن الأمين العاملي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) .
[8] و ذكر الخبر ايضاً بالفاظ مختلفة و بطرق متعددة في المصار التالية : مستدرك الصحيحين 3 : 176 ، 4 : 398 ، مسند أحمد بن حنبل 3 : 242 ، 265 ، و المحب الطبري في ذخائر العقبى 147 ، 148 ، و المتقي الهندي في كنز العمال 6 : 222 ، 223 ، 7 : 106 ، و الصواعق المحرقة : 115 ، و الهيثمي في معجمه 9 : 187 ، 188 ، 189 ، 191 .
[9] يراجع : إرشاد الساري 2 / 393 .
[10] يراجع : إرشاد الساري 2 / 396 .
[11] الشيخ الطوسي ، المولود بخراسان سنة : 385 هجرية ، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة : 460 هجرية في كتابه التهذيب : 8 / 325 ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
[12] نهج البلاغة : 527 ، طبعة صبحي الصالح .
[13] أي الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) سادسُ أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
[14] الشيخ الحر العاملي ، المولود سنة : 1033 هجرية ، و المتوفى سنة : 1104 هجرية ، في كتابه وسائل الشيعة : 3 / 282 ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1409 هجرية ، قم / إيران .
[15] وسائل الشيعة : 14 / 505 ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1409 هجرية ، قم / إيران .
[16] وسائل الشيعة : 14 / 506 ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1409 هجرية ، قم / إيران .
[17] وسائل الشيعة : 14 / 507 ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1409 هجرية ، قم / إيران .
المصدر : مركز الإشعاع الإسلامي
الإستبصار (http://estebsar.ir)
عدد التعليقات 0