ولد الاخ مروان صلاح خليفات عام (1973م) في كفر جايز من توابع مدينة إربد في الاردن.
تخرج من جامعة اليرموك وحصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الاسلامية سنة (1995م).
بما ان الاسرة التي نشأ وترعرع فيها كانت شافعية المذهب فقد شبّ شافعياً، شأنه في ذلك شأن أي انسان آخر من حيث التأثر بعوامل المحيط والبيئة التي يعيش فيها، فهي التي تحدد افكاره واتجاهاته ومع مرور الزمن تصبح من الموروثات والثوابت التي لا يجوز الخروج عليها، حتى انه يجد نفسه تلقائياً يقف بوجه الذين يخالفون معتقداته.
بما أن الاخ مروان خليفات من طلاب كلية الشريعة فقد كان من الطبيعي أن يتطرق بعض الاساتذة الى معتقدات الفرق الاسلامية الاخرى ومنهم الشيعة فكان بعض المدرسين يحمل عليهم بشدة فيكفرهم ويخرجهم من الدين.
حتى انه يقول:(مع انني على المذهب الشافعي، إلا انني بدأت اتأثر بما يطرحه اساتذتي السلفية، خاصة في العقيدة، فقمت اردد معالم العقيدة السلفية- وكأني مقتنع بها-) (عن كتابه وركبت السفينة: ص 16).
وكان له صديق شيعي طالما ثار نقاش محتدم معه حول السنة والشيعة، فيقول:(كنت اعرض هذه العقيدة مع ذكر الادلة على صديقي الشيعي، وكذا ما يقال عن الشيعة في قاعة الدرس، وذلك كي ابدأ بهدايته!! لكنه كان يردّ عليّ بكل قوة) (عن كتابه وركبت السفينة: ص 16).
وفي احد الايام وبينما كان الاخ مروان يتحدث عن فضائل ابي بكر وعمر واذا بصديقه الشيعي يطرق مسامعه بـ«رزية الخميس» هذه الحادثة التي كانت قبل وفاة النبي الاكرم(صلى الله عليه وآله وسلّم) بأيام والتي طلب فيها من الصحابة ان يأتوه بدواة وكتف ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده ابداً، والتي ردّ فيها عمر على النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) وامام الجميع بـ(انه يهجر، وحسبهم كتاب الله !!!). ثم ارشده الى كتاب «ثم اهتديت» للدكتور التيجاني الذي كان سنياً فتشيع، حيث يوثق هذا الموقف ويذكر اموراً اخرى نقلتها مصادر السنة قبل الشيعة. فاخذ الكتاب من صديقه وبدأ بقراءته على الفور وقد عزم على توثيق نصوصه ومراجعتها من خلال ما هوموجود في مكتبة جامعة اليرموك مبتدءاً بـ«رزية الخميس» !! فوجد هذه الحادثة مثبتة في صحيحي مسلم والبخاري بعدة طرق- مع شئ من التمويه-!!!
يقول الاخ مروان:(بقيت حائراً تأخذني الافكار شرقاً وغرباً، وعرض عليّ صديقي كتاب (لأكون مع الصادقين) لمؤلفه التيجاني وكتابه(فسألوا اهل الذكر) وغيرها، فكشفت هذه الكتب امامي حقائق كثيرة وزادت حيرتي وشكي) ويضيف:(الى ان اكتملت صورة الحقيقة في ذهني كالشمس في رابعة النهار، واعتنقت مذهب آل البيت الاطهار ابناء الرسول، واشقاء القرآن، واولياء الرحمن، سفن النجاة، واعلام الورى، ورحمة الله للملأ، بكل قناعة واطمئنان قلب) (عن كتابه وركبت السفينة: ص 19)
لنتأمل: لم تكن الامة الاسلامية في عهد الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم) تعاني من الاختلافات، باعتباره (صلى الله عليه وآله وسلّم) مرجعاً للمسلمين في امور الدين والدنيا وبهذا كانت مصونة من الزيغ والزلل.
وبما ان الرسالة الاسلامية تتميز عن بقية الرسالات السماوية بميزتين رئيستين هما: 1- الخاتمية(خاتمة الرسالات)
2- العمومية (عامة وشاملة لجميع الناس)
لذا لابد ان تكون سليمة ومحفوظة.
وقد رحل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من هذه الدنيا بعد أن أدى رسالة ربه على أتم وجه. فمن المرجع الذي تتجه الامة صوبه ليرشدها بعده؟!
هل هو القرآن الكريم فقط؟ أم السنة النبوية الشريفة المتفرقة والمختلفة في اللفظ والمعنى؟ أم طرف ثالث حافظ للسنة وواعٍ لمفاهيمها ومعادل للقرآن الكريم؟
هذا الامر بحثه الاستاذ خليفات بشكل موسع وناقش ابعاده في كتابه(وركبت السفينة) حيث قسم اتباع الساحة الاسلامية الى ثلاث مدارس رئيسية- حسب نظره- هي:
1- مدرسة الامام الاشعري والمذاهب الاربعة.
2- مدرسة السلفية.
3- مدرسة آل البيت (عليهم السلام) .
وقد خلص الى النتيجة التالية:- ان المدرسة الاولى لا تمثل المنظومة الالهية التي يريد لنا الله تعالى إتباعها، لما فيها من ثغرات ولما يوجد من اختلاف وتعثر في الاراء فيما بين اصحابها، ولما فيها من مخالفة للسنة النبوية الشريفة في بعض الاحيان، فقد قال الاوزاعي:(إنا لانتقم على أبي حنيفة أنه رأى، كلنا يرى، ولكننا ننقم عليه انه يجيئه الحديث عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلّم) فيخالفه الى غيره) [تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة: ص 64 ]. وكذلك تحامل الشافعي واصحاب ابي حنيفة على مالك بن انس وعيبهم عليه امور منها:(المسح على الخفين في الحضر والسفر، وفي كلامه في علي وعثمان، وفي فتياه بإتيان النساء في الاعجاز) [جامع بيان العلم: ج2ص395.
كما ان المدرسة الثانية- السلفية- هي الاخرى غيرمؤهلة بالإتباع، لأنها تعكس صورة عن الاسلام مشبعة بالقصور والنقص وعدم المواكبة لما يستجد من امور. فقد كان علماء هذه المدرسة فضلاً عن اتباعها يتوقفون تجاه كثير من القضايا ولا يبينون فيها حكماً او يثبتون منها موقفاً.
يقول عتبة ابن مسلم:(صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهراً فكان كثيراً ما يُسأل فيقول: لا ادري، وسُئل الشعبي عن مسألة فقال: لا ادري) [اعلام الموقعين: ج4ص218 و257. سنن الدرامي: ج1 ص52].
وقال عبدالله: (كنت اسمع ابي- اي ابن حنبل- كثيراً ما يسأل عن المسائل فيقول: لا ادري… وكثيراً ما كان يقول: سل غيري) [اعلام الموقعين: ج4ص206وج1 ص33].
وكما نرى فإن هذه ثغرة كبيرة لا يمكن ان تكون ممثلة لمنهج سماوي اراد الله تبارك وتعالى له البقاء، اذ لا يعقل ان يكون حملة هذا الدين وائمته قاصرين عن اجابة اسئلة الناس. هذا عدا الاختلاف فيما بينهم- السلفية- في الفقه والعقيدة ونكتفي هنا بذكر بعض المصادر التي تبيّن هذا الاختلاف.
[اعلام الموقعين: ج4 ص 219. القول المفيد: ص 23. عمدة القاري: ج4ص129. كنز العمال: ج4 ص 712، التأسيس: ج1 ص445. طبقات الحنابلة: ج2 ص297.
الانتقاء، ابن عبدالبر: ص 106 ترجمة الكرابيسي. سير اعلام النبلاء: ج2 ص572].
إذاً: ينحصر حفظ الرسالة وسلامتها بالطرف الثالث الواعي والمدرك للسنة النبوية والمعادل للقرآن الكريم، وهذا ما يراه الشيعة، اذ السبيل الوحيد عندهم لفهم الشريعة وتطبيقها هو الرجوع الى ائمة اهل البيت (عليهم السلام) فهم المخوّلون شرعاً ببيان الاسلام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، والمرشدون للامة بما حباهم الله تعالى من مزايا.
وقد دلت آيات كريمة من كتاب الله العزيز واحاديث نبوية شريفة على وجوب إتباعهم.
* قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) البينة: 7، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (يا علي هم انت و شيعتك) [الصواعق المحرقة: ص96، الدر المنثور: ج6 ص 379. تفسير الطبري: ج3 ص 146. شواهد التنزيل: ج2 ص356-366. روح المعاني: ج30 ص207. كفاية الطالب: ص 244-246].
*قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) التوبة: 119، قال سبط ابن الجوزي: (قال علماء السير: معناه كونوا مع علي وأهل بيته، قال ابن عباس: علي سيّد الصادقين) [تذكرة الخواص: ص10. الدر المنثور: ج3 ص290. فتح القدير: ج2 ص295. تفسير الثعلبي (مخطوط): ص 219. ينابيع المودة: ص 119]
وآيات أخرى كثيرة يضيق بذكرها المقام.
*حديث الثقلين الذي ورد في صحيح مسلم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (اني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغّب فيه، ثم قال: واهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي) [ج4 ص873 (كتاب الفضائل) باب من فضائل علي بن ابي طالب (عليهم السلام) ).
كما روي بلفظ آخر في مسند احمد: (اني تارك فيكم خليفتين، كتاب الله واهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض جميعاً) [مسند احمد: ج5 ص182. فضائل الصحابة: ج2ص603).
*حديث السفينة، وهو قوله(صلى الله عليه وآله وسلّم): (مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك)(المستدرك: ج3 ص150. المعجم الكبير: ص 130. مجمع الزوائد: ج9 ص168. عيون الاخبار: ج1 ص211. ميزان الاعتدال: ج1 ص224. تاريخ بغداد: ج12 ص91).
هذا بالاضافة الى احاديث شريفة كثيرة رويت في كتب السنة.
يقول الاخ مروان خليفات:(كلمات نابعة من قلبي كتبتها وانهمرت دموعي دون أن أشعر. يا اخواني يا سادتي، إن الفرصة ما زالت سانحة، وسفينة النجاة منتظرة، ما زالت تطلق صفارات من النداء النبوي «من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق»، «تركت فيكم.. كتاب الله وعترتي» هلموا ايها الناس واستجيبوا لنداء السماء. ها نحن قد أوضحنا السبيل). (عن كتابه وركبت السفينة: ص 471).
الحق انه في كتابه هذا ناقش بموضوعية ومقارنة بين المذاهب فوصل الى هذه النتيجة.
جدير بالذكر ان للأخ خليفات مؤلفات هي:
1- وركبت السفينة.
2- قراءة في المسار الاموي.
3- النبي ومستقبل الدعوة.
4- العقل السلفي: دراسة في مستنداتهم وأدلتهم «قيد التأليف»
5 ـ نحوالاسلام الاصيل (وهو خلاصة: وركبت السفينة) (مطبوع).
عدد التعليقات 0