الإستبصار (موقع يهتم بشؤون المستبصرين ) ،المبحث السابع: بيان أسماء الله ومعانيها
1 ـ الآخر :
قال تعالى: { هو الأوّل والآخر } [ الحديد: 3 ]
الآخر: الذي لا نهاية له، والله تعالى “آخر بغير انتهاء”(1).
قال الإمام علي(عليه السلام): “… الآخر الذي ليس له بعد فيكون شيء بعده”(2).
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): “الآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين”(3).
قال الإمام موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام): “… الآخر الذي لا شيء بعده”(4).
2 ـ الأحد
قال تعالى: { قل هو الله أحد } [ الإخلاص: 1 ]
معاني الأحد:
1 ـ الذي لا يتجزّأ ولا ينقسم في ذاته وصفاته(5).
2 ـ لا نظير ولا شبيه له فيما يوصف به(6).
3 ـ لا يشاركه في معنى الوحدانية غيره(7).
____________
1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 192.
2- نهج البلاغة، الشريف الرضي: خطبة 91، ص 148.
3-الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ح 6، ص 116.
4- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 2، ح 32، ص 74.
5- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 190.
مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج 10، تفسير آية (1 ) من سورة الإخلاص، ص 860 .
6- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 190.
7- انظر: المصدر السابق.
الصفحة 388
تنبيه :
“الأحد” لفظ لا يكون وصفاً إلاّ لله، ولا يصح نسبة هذا الوصف إلى غيره تعالى.
3 ـ الأعلى
قال تعالى: { سبح اسم ربك الأعلى } [ الأعلى: 1 ]
الأعلى من العلو، والعلو يعني السمو والارتفاع.
معاني الأعلى :
1 ـ القاهر والغالب والمستولي.
2 ـ المتعالى عن الأشباه والأنداد، كما قال تعالى: { تعالى عما يشركون } [ يونس: 18 ](1)
4 ـ الأكرم
قال تعالى: { اقرأ وربك الأكرم } [ العلق: 3 ]
الأكرم مأخوذ من الكرم، وللكرم معنيان:
1 ـ الإحسان والإنعام.
فيكون معنى الأكرم: الأكثر والأعظم، والذي يفوق عطاؤه ما سواه، وما من نعمة إلاّ تنتهي إليه تعالى(2).
2 ـ الأشرف .
فيكون معنى الأكرم: الأكمل في الشرف ذاتاً وفعلاً(3).
5 ـ الإله
قال تعالى: { والهكم إله واحد لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم } [ البقرة: 163 ]
____________
1- انظر: المصدر السابق: باب 29، ص 193.
2- انظر: مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج 10، تفسير آية 3 من سورة العلق، ص 781.
3- مفاهيم القرآن، جعفر السبحاني: 6 / 132.
الصفحة 389
معاني الإله :
1 ـ المعبود أو المستحق للعبادة(1).
قال تعالى: { الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر } [ الحجر: 96 ]
أي: يجعلون مع الله معبوداً آخر.
قال تعالى: { أرأيت من اتخذ إلهه هواه } [ الفرقان: 43 ]
أي: مَن يعبد هوى نفسه .
2 ـ المتصرّف المدبّر الذي بيده أزمّة أمور الخلق.
دليل هذا المعنى:
قال تعالى: { لو كان فيهما آلهه إلاّ الله لفسدتا } [ الأنبياء: 22 ]
و “البرهان على نفي تعدّد الآلهة لا يتمّ إلاّ إذا جعلنا “الإله” في الآية بمعنى المتصرّف المدبّر، أو من بيده أزمّة الأمور… ولو جعلنا “الإله” بمعنى المعبود لانتقض البرهان، لبداهة تعدّد المعبود في هذا العالم مع عدم الفساد في النظام الكوني”(2).
تنبيه :
إذا قلنا بأنّ “الإله” في هذه الآية يعني “المعبود”، فسيلزمنا تقدير كلمة “بالحق” بعد كلمة “آلهة”، فيكون قوله تعالى: { لو كان فيهما آلهة إلاّ اللّه لفسدتا } [ الأنبياء: 22 ]
____________
1- إذا قلنا بأنّ “الإله” يعني “المعبود” فستكون صفة “الإله” من صفات الله الفعلية; لأنّه تعالى كان ولم يكن معه مخلوق يعبده.
وإذا قلنا بأنّ “الإله” يعني “المستحق للعبادة” فستكون صفة “الإله” من صفات الله الذاتية; لأنّها ستعود إلى صفة القدرة، والقدرة من صفات الله الذاتية، ويكون معناه: أنّه تعالى قادر على ما إذا فعله استحق به العبادة.
انظر: مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ج 1، تفسير الآية الأولى من سورة الفاتحة، ص 93.
2- الأسماء الثلاثة الإله والرب والعبادة، جعفر سبحاني: 12.
الصفحة 390
بمعنى: لو كان فيهما معبودات بالحقّ إلاّ الله لفسدتا; لأنّ المعبود بالحق هو المتصرّف والمدبّر في الكون فيلزم من تعدّده فساد العالم.
ولكننا إذا قلنا بأنّ الإله يعني “المتصرّف والمدبّر” فلا نحتاج بعدها إلى تقدير شيء في هذه الآية.
3 ـ الإله مأخوذ من “أله” بمعنى “فزع”، ويقال: أله الرجل، يأله إليه.
أي: فزع إليه من أمر نزل به، وألِهَهُ، أي: أجاره(1).
6 ـ الله
قال تعالى: { بسم الله الرحمن الرحيم } [ الفاتحة: 1 ]
{الله لا إله إلاّ هو الحي القيّوم } [ البقرة: 255 ]
إنّ لفظ “الله” اسم علم لذاته تعالى.
دليل ذلك:
1 ـ لا يثنّى ولا يجمع هذا الاسم، بل يستعمل دائماً بصورة مفردة.
2 ـ لا يصح حذف الألف واللام منه، كما يجوز في الرحمن والرحيم.
3- يدخل عليه حرف النداء، فنقول: يا الله، وحروف النداء لا تجتمع مع الألف ولام التعريف، ولهذا لا نقول: يا الرحمن ويا الرحيم، كما نقول: يا الله، وهذا دليل على أنّ الألف واللام من بنية الاسم.
4 ـ لا يضاف إلى أيّ اسم آخر، بل تضاف إليه جميع الأسماء الحسنى.
اسم “الله” مشتق أو غير مشتق(2)؟
الرأي الأوّل :
اسم “الله” غير مشتق من مادة أخرى.
وإنّما يطلق هذا الاسم ارتجالاً على الذات الإلهية الجامعة لجميع صفات الكمال
____________
1- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 190.
2- الاسم المشتق هو ما أُخذ من لفظ الفعل.
الاسم غير المشتق (الجامد) هو ما كان مأخوذاً من لفظ الفعل.
مبادىء العربية، رشيد الشرتوني: ج 1، تقسيم الاسم، ص 32.
الصفحة 391
المنزّهة عن جميع صفات النقصان(1).
الرأي الثاني :
اسم “الله” مشتق.
وقد وقع الاختلاف في المعنى المشتق منه، وأهمّ الأقوال الواردة في هذا المجال:
أوّلاً: اسم “الله” مشتق من “الإله” بمعنى “المعبود”.
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): “الله مشتق من إله”(2)
ثانياً: اسم “الله” مشتق من “الوله” بمعنى “التحيّر”.
قال الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): “الله معناه المعبود الذي ألهِ الخلق عن درك ماهيته والإحاطة بكيفيته، ويقول العرب: ألِه الرجل إذا تحيّر في الشيء فلم يُحِط به علماً…”(3).
ثالثاً: اسم “الله” مشتق من “ألهتُ إلى فلان” أي: فزعت إليه; لأنّ الخلق يألهون إليه تعالى، أي: يفزعون إليه في حوائجهم.
قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام): “الله هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج والشدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرجاء من كلّ من هو دونه، وتقطّع الأسباب من جميع ما سواه”(4).
رابعاً: اسم “الله” مشتق من “ألهت إليه” بمعنى سكنت إليه; لأنّ الخلق يسكنون إلى ذكره(5).
خامساً: اسم “الله” مشتق من “لاه” بمعنى “احتجب”; لأنّه تعالى احتجب عن حواس وأوهام الخلق.
____________
1- انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: 1 / 106.
2- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، باب المعبود، ح 2، ص 87 .
3- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 4، ح 2، ص 87 .
4- المصدر السابق: ب 31، ح 5، ص 225.
5- انظر: بحار الأنوار، العلاّمة المجلسي: ج 3، كتاب التوحيد، باب 6، ذيل ح 14، ص 226.
الصفحة 392
قال الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): “… الإله هو المستور عن حواس الخلق”(1).
سادساً: اسم “الله” مشتق من “الوله” بمعنى “المحبّة الشديدة”.
سابعاً: اسم “الله” مشتق من “لاه” بمعنى ارتفع، والله تعالى هو الذي لا أرفع قدراً منه عزّ وجلّ.
ثامناً: اسم “الله” مشتق من “ألهتُ بالمكان” بمعنى “أقمتُ فيه”، واستحق الله تعالى هذا الاسم لدوام وجوده.
7 ـ الأوّل
قال تعالى: { هو الأوّل والآخر } [ الحديد: 3 ]
إنّ الله تعالى هو الأوّل في ترتيب الوجود، ومعنى ذلك أنّ الموجودات كلّها استفادت وجودها من الله، ولكنّه تعالى موجود بذاته، ولم يستفد الوجود من غيره، فلهذا يكون الله الأوّل والسابق على جميع الموجودات(2).
قال الإمام علي(عليه السلام): “كان ربّي قبل القبل بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد”(3).
وقال(عليه السلام) أيضاً: “الأوّل الذي لم يكن له قبل فيكون شيء قبله”(4).
وقال(عليه السلام) أيضاً: “الأوّل الذي لا غاية له فينتهي، ولا آخر له فينقضي”(5).
قال الإمام الصادق(عليه السلام): “الأوّل لا عن أوّل قبله”(6).
8 ـ البادي
قال تعالى: { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده } [ الروم: 27 ]
والله هو البادي، أي: هو الذي ابتدأ الأشياء مخترعاً لها عن غير أصل(7).
____________
1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 4، ح 2، ص 87 .
2- انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: 1 / 141.
3- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب الكون والمكان، ح 5، ص 90.
4- نهج البلاغة، الشريف الرضي: خطبة 91، ص 148.
5- المصدر السابق: خطبة 94، ص 175.
6- الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ح 6، ص 116.
7- انظر: الأسماء والصفات، البيهقي: 1 / 61.
الصفحة 393
9 ـ البارئ
قال تعالى: { هو الله الخالق البارئ المصوّر له الأسماء الحسنى } [ الحشر:24 ]
البارئ: معناه الخالق لا عن مثال، أي: موجد الشيء لا من شيء ومبدعه إبداعاً تامّاً(1).
10 ـ الباسط
قال تعالى: { والله يقبض ويبسط } [ البقرة: 245 ]
الباسط: معناه المنعم والمتفضّل الذي يبسط ويوسّع وينشر نعمه وفضله وإحسانه على العباد(2).
11 ـ الباطن
قال تعالى: { هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن } [ الحديد: 3 ]
معاني الباطن:
1- إنّ الله تعالى باطن بحيث تعجز “الحواس” و “الأوهام” عن معرفته، ويكون “العقل” هو السبيل لمعرفة الله عن طريق الاستدلال بآثاره وأفعاله تعالى(3).
2- إنّ الله تعالى باطن بحيث تعجز “العقول” عن معرفة كنه ذاته وحقيقته تعالى; لأنّ العقل محدود، والله غير محدود، ولهذا لا يستطيع العقل أن يعرف الله عن طريق ذاته عزّ وجلّ، وإنّما يعرفه عن طريق آثاره وأفعاله تعالى.
3- إنّ الله تعالى باطن، أي: خبير بصير بكلّ شيء وأقرب إلى كلّ شيء من نفسه، وهو المطّلع على ما بطن من الغيوب، والمحيط بالعباد، والخبير بما يسرّون ويعلنون، والعالم بسرائرهم وما يكتمون(4).
____________
1- انظر: لسان العرب، ابن منظور: ج 1، مادة (برأ)، ص 354.
2- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 205.
3- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 195.
علم اليقين: محسن الكاشاني: 1 / 142.
4- انظر: الكافي، الشيخ الكليني: ج 1، كتاب التوحيد، باب آخر من الباب الأوّل، ح 2، ص 122. التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 195.
الصفحة 394
4- قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): “… وأمّا الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها، ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علماً وحفظاً وتدبيراً، كقول القائل: أبطنته، يعني خبرته، وعلمت مكتوم سرّه…”(1).
12 ـ الباعث
قال تعالى: { ولقد بعثنا في كلّ أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت }[ النحل: 36 ]
وقال تعالى: { إنّ الله يبعث من في القبور } [ الحج: 7 ]
“الباعث” مأخوذ من “البعث” بمعنى: إثارة الساكن وتغيير حاله.
والله تعالى “باعث”; لأنّه:
1 ـ باعث الرسل بالأحكام والشرائع.
2- باعث من في القبور; لأنّه تعالى سيحيي الخلق يوم النشور، ويبعث من في القبور ويحشرهم للحساب(2).
13 ـ الباقي
قال تعالى: { والله خير وأبقى } [ طه: 73 ]
{كلّ من عليها فان * ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام} [ الرحمن:26ـ27 ]
الباقي يعني: الكائن بغير فناء(3)، أي: الكائن الذي لا يفنى، ولا يلحقه العدم، ولا نهاية له، والله تعالى واجب الوجود بذاته.
فإذا أضيف في الذهن إلى الماضي سمّي “قديماً”.
وإذا أضيف في الذهن إلى المستقبل سمّي “باقياً”.
____________
1- التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ح 2، ص 184.
2- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 209.
3- انظر: المصدر السابق: باب 29، ص 193.
الصفحة 395
والباقي هو الذي لا ينتهي تقدير وجوده في المستقبل أبداً، ويعبّر عنه أيضاً بـ “الأبدي”(1).
تنبيه :
إنّ الله تعالى باق لذاته، ولا يصح القول بأنّه باق بالبقاء.
لأنّه تعالى لو احتاج في بقائه إلى غيره كان ممكناً، ولكنه تعالى منزّه عن الاحتياج(2).
14 ـ البديع
قال تعالى: { بديع السماوات والأرض } [ البقرة: 117 ] ، [ الأنعام: 101 ]
“الإبداع إنشاء صنعه بلا احتذاء واقتداء… وإذا استعمل في الله فهو [ بمعنى ]إيجاد الشيء من غير آلة ولا مادّة ولا زمان ولا مكان، وليس ذلك إلاّ لله”(3).
إذن، مبدع السماوات والأرض يعني موجدهما لا من شيء ولا على مثال سابق.
15 ـ البَر
قال تعالى: { إنّه هو البرّ الرحيم } [ الطور: 28 ]
البَر (بفتح الباء) يعني: فاعل البِر (بكسر الباء].
معاني البَر:
1- الصادق.(4) 2 ـ المحسن.(5) 3 ـ العطوف.(6) 4 ـ المثيب.(7) 5 ـ اللطيف مع
____________
1- انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: 1 / 148.
2- انظر: كشف المراد، العلاّمة الحلّي: المقصد الثالث، الفصل الثاني، المسألة السابعة، ص 404.
3- مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني: مادة (بدع) ص 110 ـ 111.
4- انظر: التوحيد، الشيخ الصدوق: باب 29، ص 209.
5- انظر: علم اليقين، محسن الكاشاني: 1 / 143.
6- القواعد والفوائد، محمّد بن مكّي العاملي: ج 1، قاعدة 211، ص 173.
7- انظر: مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني: مادة (برَّ)، ص 114.
الصفحة 396
عظم الشأن(1).