الإستبصار (موقع يهتم بشؤون المستبصرين ) ،
(مالكي / تونس)
ولد “محمّد الصغير السندي” بمدينة السند عام 1376هـ (1957م) في تونس، وقد نشأ في أوساط عائلة محافظة فكان متدّيناً يحبّ العبادة منذ الصغر، أما حصيلته الدراسية فهو في المرحلة الرابعة من الدراسة الثانوية المهنية.
الاستغراب من استبصار أحد أقربائي:
لتعلّق “محمّد الصغير السندي” بالدين فقد كان كثير التردد على المساجد، فيسمع الخطب والمواعظ و.. فيزداد إقباله على هذه الأماكن وهذه الأجواء، وهذا ما جعله يتتبع ـ في بعض الأحيان ـ المناقشات والمناظرات التي تدور بين الاشخاص بين فترة وأخرى، وكانت محاورها في مجالات العقائد، الفقه، التفسير..، فنشأ يعتقد ما يعتقده السواد الأعظم من المسلمين في تونس ـ وأكثرهم مالكية ـ من تقديس لما في الصحاح من أخبار وروايات، مما ترك في نفسه محبّة للصحابة ولأهل البيت(عليهم السلام) خصوصاً فاطمة الزهراء(عليها السلام) .
وفي أحدى الأيام التقى بأحد أقربائه ـ وكان قريبه هذا قد استبصر منذ فترة ـ فدار بينهما حوار حول عدّة مسائل، منها: عقائد الفريقين، فجعله هذا الحوار
يتأمّل ويفكّر ويطلب المزيد لأجل التعرّف أكثر على مذهب التشيّع.
مظلومية الزهراء(عليها السلام) مَن الظالم؟؟
يقول “محمّد”: بعد سفر الأستاذ التيجاني إلى النجف الأشرف ولقائه بالمرجع الديني السيّد الخوئي والشهيد الصدر (رحمهما الله)، وعودته إلى تونس، وكان قد استبصر، وأحضر معه كتباً وأشرطة تتحدّث عن مذهب أهل البيت(عليهم السلام)وعقائد أتباعهم وتاريخهم وما جرى عليهم، وقد أثّر بي أحد أشرطة الكاسيت، وكان عبارة عن محاضرة للخطيب الشيخ الوائلي يتحدّث فيها عن مظلومية فاطمة الزهراء(عليها السلام) ومما جرى عليها من الصحابة.
فلقد كان لما ذكره الشيخ الوائلي وقع يشبه الصاعقة على قلبي، لأنّنا كنّا نتصوّر أنّ هذه المرأة هي امتداد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وفيها تنحصر ذرّيته، فكيف يتصرّف القوم معها بهذا الشكل الدنيء؟!
وأخذ يكرر سماع الشريط ، وفي كلّ مرّة يبكي هو ومن معه، سواء كانوا مستبصرين أم لا فالحادث مؤلم ومر، فهذه بضعة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وأمّ العترة الطيّبة.
بحث ومتابعة:
بدأ “محمّد الصغير” ببحث واسع في كتب أهل السنّة لأجل الوصول إلى الحقيقة، ووجد الطامة الكبرى عندما تأكّد من جرأة القوم على دار الزهرا(عليها السلام)، واقتيادهم للإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)..، كما حيّره بحث الخلافة، إذ وجدها مرددة بين النص والشورى والانتخاب، ففي كلّ مرّة ضابط! كما أنّ الفقه السني والتهافت الواضح، والاختلاف البيّن في مسائله، فالشوافع يرون ما لا يرى غيرهم، وكذا الأحناف يحللون ما يحرّمه غيرهم، وقس على ذلك الموالك والحنابل، وكلّهم يدّعي أخذه الأحكام من كتاب الله وسنّة رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم).
ثمّ عدل إلى ما متوفّر من مصادر الشيعة وأخذ يقارن، وإذا به يرى أنّ الحقّ
معهم، ولا وجود للعثرات والثغرات في عقائدهم وفقههم و..، وهكذا بدأت الفكرة تتبلور لديه باعتناق مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
الإعجاب بكتاب نهج البلاغة:
أخذ “محمّد الصغير” يكوّن لنفسه مكتبة في بيته تحوي مختلف الكتب، وكان أوّل كتاب اشتراه ليضعه فيها هو كتاب نهج البلاغة الحاوي لخطب أمير المؤمنين(عليه السلام)، والسبب في ذلك هو أنّه أعجب به أيّما إعجاب، وكذلك للردّ على السنة الذين يقولون: إنّ هذا الكتاب موضوع باسم علي بن أبي طالب، والخطب ليست له!!
مرحلة الاستبصار:
وهكذا توالت الكتب، وبدأ بالقراءة المعمّقة، حتّى انكشفت له الحقائق..، وعرف بأنّ الإمام علي إمام وخليفة بنصّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): “إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا”(1).
وبيعة أبي بكر فلتة قال عمر: “كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى الله المسلمين شرّها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه”(2).
وحقائق أخرى، فقرّر ترك ما كان يعتقد، وهجر المذهب المالكي، وتحوّل إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
____________
1- تاريخ الطبري 2: 63، راجع: الغدير: 2: 279.
2- السنن الكبرى النسائي 4: 272، النهاية في غريب الحديث 3: 419.