الإستبصار (موقع يهتم بشؤون المستبصرين ) ،
(مالكي / تونس)
مرت ترجمته في (1: 495) من هذه الموسوعة، وسنذكر هنا ما لم نشر إليه سابقاً.
تأثّره بكتاب الاحتجاج:
تأثّر “منصف الحامدي” بكتاب الاحتجاج ـ تأليف الشيخ الطبرسي (من علماء القرن السادس) ـ كثيراً، وكتاب الاحتجاج ـ كما ورد في مقدّمة بقلم العلاّمة جعفر السبحاني ـ “ضمّ بين دفتيه احتجاجات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة في شتى المجالات وأناروا لطلبة الحقّ والحقيقة طريق الهدى، كما قطعوا الطريق على أهل اللجاج، وبذلك انتشرت علومهم، وفضائلهم، وليس لهذا الكتاب مثيل في مؤلّفات أصحابنا، حيث جمع في كتاب واحد ما وصل إليه من مناظراتهم، إلاّ أنّه ربما يؤخذ عليه بعض الأشياء لا بأس بالتنويه عليها:أكثر ما أورده في الكتاب من المناظرات مراسيل لا مسانيد.
إنّ المؤلّف يجيب عن هذا الإشكال بقوله: “ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده، إمّا لوجود الإجماع عليه، أو موافقته لما دلّت العقول عليه، أو لاشتهاره في السير والكتب بين المؤالف والمخالف، إلاّ ما أوردته عن أبي محمّد الحسن العسكري(عليه السلام) فإنّه ليس في الاشتهار على حدّ ما سواه وإن كان مشتملاً على مثل الذي قدّمناه فلأجل ذلك ذكرتُ إسناده في أوّل جزء من ذلك دون غيره، لأنّ جميع ما رويت عنه، إنّما رويته بإسناد واحد من جملة الأخبار التي ذكرها(عليه السلام)في تفسيره(1).
والسند الذي روى به احتجاجات الإمام العسكري ذكره في أوّل الكتاب على النحو التالي:
حدّثني السيّد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسيني المرعشي(رضي الله عنه)قال: حدّثني الشيخ الصدوق أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن أحمد الدوريستي(رحمهم الله)قال: حدّثني أبي محمّد بن أحمد، قال: حدّثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي(رحمهم الله)، قال: حدّثني أبو الحسن محمّد بن القاسم المفسّر الاسترابادي، قال: حدّثني أبو يعقوب يوسف بن محمّد ابن زياد وأبو الحسن علي بن محمّد سيّار ـ وكانا من الشيعة الإمامية ـ قالا: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن علي العسكري…
وبهذا الاسناد الذي ذكره في أوّل الكتاب، أخرج ما رواه عن الإمام الحسن العسكري وأشار إليه في الباب الخاصّ به.
وسواء كان ما اعتذر به المؤلّف مقبولاً أو غير مقبول ن فقد عولجت هذه النقيصة في هذه الطبعة على القدر المستطاع، حيث قام المحقّقان لهذا الكتاب بإرجاع مراسيلها إلى المسانيد، وذلك بالغور في كتب مشايخنا الإمامية، كالكافي للشيخ الكليني، وكتب الصدوق المختلفة، وغيرهما، وبذلك أصبحت جلّ أحاديثه مسندة، خارجة عن الإرسال.
على أنّ ما اعتذر به المؤلّف عذر مقبول ; وذلك لأنّ المسائل العقائدية
____________
1- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي 1: 10.
تختلف عن المسائل الفرعية العملية، فالمطلوب في الثانية هو العمل وإن لم يكن هناك يقين بالصحّة، وهذا بخلاف الحال في الأولى، فإنّ المطلوب فيها هو الاعتقاد والإذعان، وهو رهن قوّة البرهان ورصانة الحجّة. فلو توفّرت فيه لنال الإنسان ضالتّه المنشودة وإلاّ فلا، من غير فرق بين كونه مسنداً أو مرسلاً، فلأجل ذلك ترك المؤلّف الإسناد، ورواها بالشكل المرسل اعتماداً على مضمون الحجّة، وقوّتها.
انّ موقف النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة في عامّة المناظرات، هوموقف المعلّم المحايد، والمرشد الناصح، وهو يعتمد على قوة العارضة وحصافة الرأي، لا على كونه نبيّاً موحى إليه أو وصيّاً قائماً مقام النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولولا اتّخاذ ذلك الموقف لما أنتجت تلك المناظرات وصارت عقيمة، وعلى ضوء ذلك، فالاعتماد إنّما هو على المضمون والمحتوى، سواء أصحّ إسناده إلى المعصوم أو لا.
أضف إلى ذلك أنّه ليس علينا ردّ المراسيل بما أنّها مراسيل، وكيف يكون ذلك، فإنّ الإمام الصادق(عليه السلام) يقول: “لا تكذّبوا الحديث إذا قام به مرجئيّ ولا قدريّ ولا حروريّ، ينسبه إلينا، فإنّكم لا تدرون لعلّه شيء من الحق، فيكذّب الله فوق عرشه”(1)(2).
____________
1- المحاسن 1: 230، ح175.
2- الاحتجاج، الطبرسي 1: 17 ـ 20.
عدد التعليقات 0